للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصفهم بشدة الخوف كأنما يساقون إلى الموت وقد وعد لهم النصر والظفر بقوله: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ) كيف استغاثوا ربهم في ذلك وقد سبق منه لهم الوعد بالظفر والنصر.

قيل: قد يمكن أن تصرف الآية إلى المنافقين، وهو قوله: (كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) غير أنه ذكر في بعض القصة أنه لم يكن ببدر منافق بل كانوا كلهم مؤمنين حتى افتخر بذلك من شهد بدرا، أو إن كان في المؤمنين فهو ما ذكرنا لقلة عددهم وضعفهم وكثرة أُولَئِكَ وعدتهم كانوا كما وصف، واللَّه أعلم.

لكن الآية تحتمل وجوهًا:

أحدها: أمكن أن يكون الوعد لهم بالنصر بين لرسوله ولم يبين لهم؛ فألقى في قلوبهم الرعب والخوف لما لم يبين لهم الوعد بالنصر.

أو بين لهم وبلغهم الوعد بذلك لكن لم يبين لهم الوقت متى يكون ذلك؛ ألا ترى أنهم أمروا بالخروج ولا يدرون إلى ماذا يؤمرون.

والثالث: يجوز أيضًا أن بين لهم الوعد بالنصر وبلغهم ذلك، غير أنهم خافوا ذلك وكرهوا خوف طبع وكراهة النفس لا كراهة الاختيار، وجائز الخوف في مثل هذا وكراهة الطبع وإن كانوا على يقين بالنصر والظفر وتحقيق ذلك لهم.

والرابع: يجوز أن يكون الوعد لهم بالنصر والظفر بالتضرع إليه والاستغاثة منه، على ما يكون في الدعوات، يكون شقاوة بعض ودخوله النار بمعاصي يرتكبها، وسعادة آخر ودخوله الجنة بخيرات يأتي بها فيصير من أهلها.

والخامس: جائز أن يكون ذلك من اللَّه لهم محنة يمتحنهم بها كقوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ. . .) الآية، يحتمل معنى الآية الوجوه التي ذكرنا، والله أعلم.

ثم اختلف في قوله: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ. . .) الآية؛ قال بعضهم: هو صلة قوله: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ).

قالوا قوله: (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) ألفان، وقوله: (بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ)، فيكون خمسة آلاف مسومين.

ومنهم من يقول: ثلاثة كان في أحد؛ إذ ذكر على أثر قصة أحد، فإن كان ما ذكروا

<<  <  ج: ص:  >  >>