وفي مصر ثار أهل الحوف مرتين: الأولى سنة ١٧٨ هـ، فأرسل الرشيد هرثمة بن أعين فأخمدهم. والثانية سنة ١٨٩ هـ بقيادة أبي النداء الذي خرج في مائة ألف رجل، وكان في أيلة، وأفسد مفسدة عظيمة، فأرسل إليه الرشيد جيشًا، وأرسل والي مصر جيشًا آخر، فانهزم أبو النداء، فأعلن أهل الحوف الإذعان والطاعة لما رأوه من انهزام قائدهم.
ولما ولي الأمين الخلافة وقع الخلاف بينه وبين أخيه المأمون، ووقع بينهما القتال، خاصة عندما خلع الأمين أخاه المأمون وعهد بالأمر لابنه موسى، فدار القتال، وحاصر طاهر بن الحسين قائد جيش المأمون بغداد أربعة عشر شهرًا وقطع عنها الأقوات، حتى وقع الناس في عنت شديد، وانتصر طاهر، وقتل الأمين، وتمت البيعة للمأمون سنة مائة وثمانية وتسعين.
وقيل: إن الأمين كان غير مهتم بشئون دولته؛ حيث كان يحب اللهو والمجون، ومن ثم كثرت الفتن في عهده، وازدادت الثورات، فاشتعلت نار الفتنة في الشام، فقام علي بن عبد اللَّه بن خالد بن يزيد بن معاوية، يدعو لنفسه، فعظم أمره، واشتد خطره حتى احتل دمشق، وكاد يستقر له الأمر لولا النزاع الذي وقع بين اليمنيين والمضريين من أتباعه، وبعث الأمين جيشًا يعيد الاستقرار إلى بلاد الشام، لكنه لم يفعل شيئًا، ومن ثم بقيت بلاد الشام في اضطراب وقلاقل قيل: سنتين، أو أكثر.
وفي ولاية المأمون: كان خروج بعض العلويين، فخرج عليه أبو السرايا سنة ١٩٩ هـ بالكوفة، وأوقع بجيوش الحسن بن سهل، ولم يستطع المأمون إخماد حركته إلا بعد عناء شديد؛ فقد هزمه هرثمة بن أعين.
وأراد المأمون استمالة العلويين فعين ولي عهده منهم، فولى علي بن موسى الكاظم وخلع أخاه القاسم من ولاية العهد، فاستثار بذلك حفيظة العباسيين وثاروا عليه في عدة مناطق.