فعلم النحو ضروري للمفسر؛ لأن المعنى يتغير بتغير الحركات تغيرًا كبيرًا. وعلم الصرف والاشتقاق ضروريان -أيضًا- للمفسر؛ حتى لا يخبط الإنسان خبط عشواء.
المجموعة الثانية: علوم البلاغة " المعاني -البيان- البديع " وهي ضرورية لمن أراد تفسير الكتاب العزيز؛ لأنه لابد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز، وذلك لا يدرك إلا بهذه العلوم.
المجموعة الثالثة: أصول الفقه، وأسباب النزول، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة علم القراءات، وهي كلها مما يحتاج إليه المفسر بالرأي؛ حتى لا يخطئ الفهم، ولا تزل قدمه بسبب الجهل بهذه الأمور الضرورية.
وأخيرًا: علم الموهبة، ويقصد به العلم اللدني الرباني (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) الذي يورثه اللَّه تعالى لمن عمل بما علم، ويفتح قلبه لفهم أسراره، قال تعالى:(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ)، فهو ثمرة التقوى والإخلاص، ولا ينال هذا العلم من كان في قلبه بدعة أو كبر أو حب للدنيا أو ميل إلى المعاصي، قال تعالى:(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).
وما أجمل قول الشافعي رحمه اللَّه:
شكوت إلي وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ... ونور اللَّه لا يهدي لعاصي
قال السيوطي: " ولعلك تستشكل علم الموهبة وتقول: هذا شيء ليس من قدرة الإنسان، وليس كما ظننت من الإشكال، والطريق في تحصيله ارتكاب الأسباب الموجبة له من العمل والزهد.
ثم قال:" علوم القرآن وما يستنبط منه بحر ولا ساحل له، فهذه العلوم التي ذكرناها هي كالآلة للمفسر، ولا يكون مفسرًا إلا بتحصيلها، فمن فسر بدونها كان مفسرًا بالرأي المنهي عنه ".