للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيمن أراد، وهذا هو القرآن الكريم يخبرنا عن داود وسليمان في أمر عرض عليهما، فحكم كل واحد منهما بحكم يخالف الآخر، فيقول: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا).

ونستطيع القول: إن التفسير الإشاري لا يحكمه منهج معين، لكن له شروطًا لابد من توافرها حتى يكون تفسيرًا مقبولاً، وهي خمسة شروط كالآتي:

أولاً: عدم التنافي مع المعنى الظاهر في النظم الكريم.

ثانيًا: ألا يدعى أنه المراد وحده دون الظاهر.

ثالثًا: ألا يكون تأويلاً بعيدًا سخيفًا؛ كتفسير بعضهم قول اللَّه تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) بجعل كلمة (لَمَعَ) ماضيًا، وكلمة (الْمُحْسِنِينَ) مفعوله، ومثل ذلك تفسير الباطنية لقوله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) أي: أن الإمام عليًّا ووث النبي في علمه.

رابعًا: ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي، بل يكون له شاهد شرعي يؤيده.

خامسًا: ألا يكون فيه تشويه على أفهام الناس.

وبدون هذه الشروط لا يقبل التفسير الإشاري، ويكون عند ذلك من قبيل التفسير بالهوى والرأي المنهي عنه.

وقبل أن نغادر إلى الحديث عن المنهج الحديث في التفسير، نشير إلى أبرز التفاسير الإشارية، وهي: تفسير النيسابوري، وتفسير روح المعاني للآلوسي، وتفسير التستري، وتفسير ابن عربي الفيلسوف، وليس ابن العربي الفقيه القرطبي.

وأخيرا أنوه بأمر مهم، وهو تحذير المسلمين من التفاسير الإشارية وعدم الاعتماد عليها دون التفاسير الأخرى، وهذا ما حذر منه الشيخ الزرقاني حين قال:

" لعلك تلاحظ معي أن بعض الناس قد فتنوا بالإقبال على دراسة تلك الإشارات والخواطر، فدخل في روعهم أن الكتاب والسنة، بل الإسلام كله، ما هو إلا سوانح وواردات، على هذا النحو من التأويلات والتوجيهات، وزعموا أن الأمر ما هو إلا تخييلات، وأن المطلوب منهم هو الشطح مع الخيال أينما شطح؛ فلم يتقيدوا بتكاليف

<<  <  ج: ص:  >  >>