للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عامة أهل التأويل: هو من الدعاء لا من الدعوى، يقولون: إنهم إذا اشتهوا طعامًا أو شرابًا وتمنوا شيئًا فيدعونه بقوله: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ) وفيؤتون ما تمنوا واشتهوا؛ لما ذكر أنه لا تنقطع اللذات في الجنة، ولو كان ما يقولون لكان فيه انقطاع اللذات والشهوات، إلا أن يقال: إنهم يلهمون شهوات وأماني فيشتهون، وقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ)، (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)، ولا نعلم ما أراد به.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ) ويخرج على وجوه:

أحدها: يخبر أنه ليس على أهل الجنة من العبادات شيء سوى التوحيد وهو كلمة التوحيد.

والثاني: يقولون ذلك لعظيم ما رأوا من النعيم وعجيب ما عاينوا.

والثالث: شكرًا لما أعطاهم من ألوان النعيم والأطعمة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ).

قال أهل التأويل: إن الملائكة يأتون بما اشتهوا ويسلمون عليهم ويردون السلام على الملائكة؛ فذلك قوله: (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ)، فإذا طعموا وفرغوا قالوا عند ذلك: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وهو قول ابن عَبَّاسٍ وغيره من أهل التأويل، ويشبه أن يكون قوله: (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ) والسلام الذي لا عيب فيه ولا مطعن، أي كلام بعضهم لبعض منزه منقى من جميع العيوب والمطاعن؛ كقوله: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا) الآية، وقوله: (إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)، ونحوه.

وقوله: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

قال أهل التأويل: يقولون على أثر فراغهم من الطعام والشراب ذلك.

وقال الحسنِ: إن اللَّه رضي عن عباده بالشكر لما أنعم عليهم في الدنيا والآخرة بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، ويشبه أن يكون قوله: (وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ) أي دعواهم فِي الآخرة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، كما كان دعواهم في الدنيا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>