للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً

أحدهما: يحتمل قوله: (أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا) أي: اتخذا لقومكما مساجد يصلون فيها، (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي: اجعلوا في بيوتكم التي اتخذتم مساجد قبلة؛ فيكون في قوله:، (أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا) الأمر باتخاذ المساجد، ويكون في قوله: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) الأمر باتخاذ القبلة في المساجد التي أمر ببنيانها.

والثاني: قوله: (أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا)، أي: اتخذا لقومكما بمصر مساجد على ما ذكرنا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي: اجعلوا في بيوتكم التي بنيتم لأنفسكم قبلة تحّوجهون إليها، ويكون فيه دلالة أن نصب الجماعة واتخاذ المساجد والقبلة مثوارثة مسنونه ليست ببديعة لنا وفي شريعتنا خاصة، ويؤيد ما ذكرنا أن فيه الأمر باتخاذ المساجد.

وقوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) دل الأمر بإقامة الصلاة على أن الأمر ببناء البيوت أمر باتخاذ المساجد واتخاذ القبلة.

فَإِنْ قِيلَ: هذا في الظاهر أمر باتخاذ المساجد، والآية التي ذكر فيها اتخاذ المساجد تخرج مخرج الإباحة لنا، وهو قوله: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) هو في الظاهر إباحة.

قيل: هو أمر في الحقيقة، وإن كان في الظاهر إباحة، ألا ترى أنه قال: (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا. . .) الآية، ولا شك أن ذكر اسمه والتسبيح له أمر؛ فدل أنه ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وأما أهل التأويل فإنهم قالوا: إنهم كانوا يخافون فرعون وملأه، فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة يصلون فيها سرا خوفًا من فرعون، هذا يحتمل إذا كان قبل هلاك فرعون وقبل أن يستولوا على مصر، وإذا كان بعد هلاكه وبعدما استولوا وملكوا على مصر وأهله فالأمر فيه ما ذكرنا؛ أمر باتخاذ المساجد ونصب الجماعات فيها وإقامة الصلاة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>