لأن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عالم بما كان منهم من الأعمال والأقوال على ربهم، أي: عند ربهم؛ كقوله:(وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ) أي: عند ربهم، وتأويله ما ذكرنا يعرضون على ربهم لأنفسهم؛ لأنهم إنما يؤمرون وينهون ويمتحنون لأنفسهم ولمنفعة أنفسهم فيكون عرضهم لهم، أو أن يكون قوله:(أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ) على ما وعدهم ربهم في الدنيا، أو يقول: أُولَئِكَ يعرضون لأنفسهم على ربهم من غير غيبة كانت منه، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأشهاد: المؤمنون. فمن قال: هم الأنبياء والمؤمنون؛ فهو كقوله:(لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)؛ وكقوله:(وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)، ومن قال: هم الملائكة؛ كقوله:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقوله:(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢). ونحوه.
ومعناه - واللَّه أعلم - أنه: تعرض أعمالهم وأقوالهم على أنفسهم فإن أقروا بها بعثوا إلى النار، وإن أنكروا يشهد عليهم ما ذكر من الشهداء فإن أنكروا يقال له:(اقْرَأْ كِتَابَكَ. . .) الآية، فإن أنكروا ذلك فعند ذلك تشهد عليهم جوارحهم؛ كقوله:(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ. . .) الآية.
ويحتمل أن يكون الملائكة نادوا في ملأ الخلق قبل أن يدخلوا النار: هَؤُلَاءِ الذين كذبوا على ربهم.
ويحتمل ما ذكر من شهادة الذين كانو موكلين بكتابة أعمالهم وأقوالهم يخبرون عما