للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ).

هذا لأن القميص إذا كان قد من قبل فهو إنما ينقد من دفعها إياه عن نفسها، وإذا كان القميص مقدودا من دبر فهو إنما ينقد من جرها إياه إلى نفسها، لا من دفعها إياه عن نفسها؛ هذا هو الظاهر في العرف؛ لذلك قال الشاهد: (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ) وكذا (وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ. . .) الآية؛ استدل على أنه إنما تمزق من جرها إياه لا من دفعها عن نفسها، ففيه دلالة جواز العمل بالاجتهاد؛ لأن القميص في الغالب لا يتمزق من دبر إلا عن جر من وراء، ولا من قبل إلا عن دفع من قدام، لذلك دل على ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وإن كان يجوز أن يكون في الحقيقة على غير ذلك، لكن نظر إلى الغالب.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: قوله: (وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ)، أي: شقت ومزقت، ومقدود: أي: مشقوق، من دبر: أي: من خلف، ومن قبل: أي: من قدام، وهو مأخوذ من القبل، من قبل المرأة.

وقوله: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ) ولم يقل: سيدهما؛ فهذا يدل على ما ذكرناه.

(لَدَا البَابا).

أي: عند الباب، وهو ظاهر؛ أي: وجدا سيدها عند الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>