للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (حَيَاةً طَيِّبَةً) في الدنيا.

فمن قال: الحياة الطيبة هي الجنة، في الآخرة، يكون تأويله: من يكن عمله في الدنيا صالحًا فليحيينه اللَّه في الآخرة حياة طيبة؛ وإلا ظاهر قوله: (مَن عَمِلَ صَالِحًا) إنما هو على عمل واحد، وى لك قوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً): ظاهره على حسنة واحدة، لكن الوجه به ما ذكرنا: من يكن عمله في الدنيا صالحًا فيفعل ما ذكر. وقوله: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً)، أي: ما تؤتينا في الدنيا آتنا حسنة، أو أن يكون على الختم به، أي: من ختم بالعمل الصالح فيحييه اللَّه حياة طيبة في الجنة، كقوله: من جاء بالحسنة فله كذا.

وقال الحسن: الحياة الطيبة هي الجنة؛ لأن في الدنيا ما ينغص حياته.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحياة الطيبة في الدنيا؛ فتأويله: من يكن همه وجهده في الدنيا العمل الصالح فلنحيينه حياة طيبة، أي: نوفقه ونيسره الخيرات والعمل الصالح والطاعات، وهو ما روي أنه قال: " كُل مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ "، وكقوله: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)، وكقوله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) ونحوه؛ فذلك هو الحياة الطيبة في الدنيا؛ حيث يسَّر عليه العمل الصالح، ووفق للطاعات والخيرات.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى)، أي: قنع في الدنيا بما قسم اللَّه له ورزقه، ورضي به، (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) مما أزال عنه هم طلب الفضل، وغمهُ، وذله وحرصه عليه؛ لأن أكثر هموم الناس في الدنيا وذلهم؛ لما لم يرضوا بما قسم اللَّه لهم، ولم يقنعوا به؛ فهو يحيا حياة طيبة لما عصم من ذلك، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>