لذلك يبقى على الإيمان على ما كان؛ لما لم يوجد منه اختيار الكفر.
فَإِنْ قِيلَ: أليس أمرنا أن نقاتل أهل الكفر؛ ليسلموا، وذلك إسلام بإكراه؟! وعلى ذلك نطق الكتاب، وهو قوله:(تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)، وقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أمِرتُ أن أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّه "، ثم إذا أسلم لخوف السيف - كان إسلامه إسلامًا في الظاهر ما يمنع كذلك أنه إذا أكره على الكفر، فأجرى كلمة الكفر على لسانه - كان كفره كفرًا في الظاهر؛ فيحكم بكفره كما حكم في الإسلام على الإكراه؛ فما الفرق فيه؟!
قيل: إن ذلك كان يجيء إلا أن اللَّه - تعالى - أعفى عباده عن ذلك؛ فأبقاهم على الإيمان وحكمه، وإن أظهروا بلسانهم كلام الكفر بعد أن تكون قلوبهم مطمئنة بذلك؛ فضلًا منه ونعمة، وإلا: القياس أن يحكم بحكم الكفر إذا تكلم بكلام الكفر، وأمَّا الطلاق والعتاق والنكاح ونحوه، وهو ظاهر على ما تكلم به، عامل واقع؛ لأن الطلاق والعتاق ونحوهما مما يتعلق بالكلام نفسه لا بغيره، فهو - وإن أكره على ذلك - فهو مختار للتكلم به، قاصد له؛ لأن المكره لو أحب أن يستعمل لسانه بالتكلم بما ذكر ما قدر عليه؛ دل أنه على الاختيار يتكلم، وأما البيع والشراء ونحوه لم يتعلق بالكلام نفسه؛ إذ قد يكون