يحتمل ما ذكرنا: أنه أعلم بمصالحهم ومفاسدهم، وما يسرون وما يعلنون، ويحتمل غير هذا؛ جوابًا لقولهم: (لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)، وقوله: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ).
يقول - واللَّه أعلم - (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، أي: أعلم بمن يصلح للنبوة والرسالة، وبمن لا يصلح، ومن هو أهل لها أومن ليس بأهل لها.
أو يقول: أعلم بمن في السماوات والأرض، أي: عن علم بما يكون منهم أنشأهم لا عن جهل، أو أعلم بهم من أنفسهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلََّّ - (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ).
مثل هذا لا يكون إلا في نازلة، لكنه لم يذكر النازلة التي عندها نزلت، ثم اختلف فيما ذكر من تفضيل بعض على بعض:
قَالَ بَعْضُهُمْ: إنه أعطى كلًا شيئًا لم يعط غيره؛ من نحو ما ذكر أنه كلَّم موسى، واتخذ إبراهيم خليلًا، وأعطى عيسى إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وهو روح منه وكلمته، وأعطى سليمان ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، وأعطى داود زبورًا، وأعطى سيدنا محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن بعث إلى الناس كافة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومثله.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: فضل بعضًا على بعض في الدرجة والمنزلة والقدر عنده.
فالأول: يكون التفضيل في الآيات والحجج، والثاني: في أنفسهم: في المنزلة والقدر.
ويحتمل ما ذكر من تفضيل بعض على بعض في الآيات والحجج.
ويحتمل في كثرة الأتباع: يفضل بعضهم على بعض بكثرة الأتباع.
والثالث: يفضل بعضهم على بعض في القيام بشكر ما أنعم عليه وصبره على ما ابتلاه به. والرابع: [ ..... ]
وعلى قول المعتزلة: لا يكون لأحد فضيلة عند اللَّه إلا باستحقاق منه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّّ -: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا).
جميع كتب اللَّه: زبور؛ لأن الزبور هو الكتاب. وقد ذكرنا أنا لا ندري لأية نازلة ذكر هذا، ولا يحتمل ذكر مثله على الابتداء والاستئناف، لكن فيه أن التفضيل والمنزلة إنما يكون من عند اللَّه، ومن عنده يستفاد لا بتدبير من أنفسهم واستحقاق؛ حيث قال: (انْظُرْ