كقوله:(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، وإما أن يهلكها بعذاب مستأصل إذا تركوا أمره وكذبوا رسله، وهو ما ذكرنا من الانتقام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يميت أهل القرية الصالحة بآجالهم، وأمَّا القرية الظالمة فيأخذها بالعذاب الذي ذكر؛ فهو في القرون الماضية إن احتمل ذلك.
ويشبه أن يكون قوله:(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، وهو أن يهلك رؤساء الكفرة وقادتهم؛ فيصير الذين كله دينًا واحدًا، وهو الإسلام؛ على ما قال بعض أهل التأويل في قوله:(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) قالوا: هو أن يهلك أهل الكفر؛ فيجعل ملك أهل الكفر لأهل الإسلام؛ فذلك نقصانها من أطرافها: لا يزال ينقص أهل الكفر قرية فقرية وبلدة فبلدة؛ حتى تصير الأرض كلها لأهل الإسلام، وهو ما روي عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:" زُوِيتْ لِيَ الأرضُ فَأرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبهَا، وَسَيَبلُغُ مُلْكُ أُمَّتي ما زُوي لِي مِنْهَا "، فذلك - واللَّه أعلم - تأويل قوله: قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا)، أي: نهلك أهل الكفر.
وبشبه أن يكون قوله:(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا): على ما أخبر أنه كان يفني جميع من كان على وجه الأرض، ويجعل الأرض مستوية لا بناء فيها ولا ارتفاع، حيث قال:(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) وقال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ. . .) الآية، وقال:(وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا. . .) الآية. أخبر أنه لا يبقي عليها أحد ولا بناء، فتصير كلها (قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)؛ فذلك إهلاكها وتعذيبها، واللَّه أعلم.
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان ذلك في الكتاب الذي عند اللَّه - وهو اللوح المحفوظ - مكتوبًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان ذلك في جميع كتب اللَّه التي أنزلها على رسله مكتوبًا، أي: ما من كتاب أنزله اللَّه على رسله إلا وكان فيه (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، و (كُلُّ نَفْسٍ