للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

برسله، لكنه عصمهم، ومكن لهم؛ حتى بلغوا الرسالة إليهم؛ فعلى ذلك قوله: (إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ) بالعلم والقدرة والغلبة عليهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ):

قال عامة أهل التأويل: إن الرؤيا التي أراها إياه لم تكن رؤيا المنام؛ ولكن رؤية يقظة ورؤيا عين، معاينة بالتي تنام، لا بالذي لا ينام منه لأنه رُويَ عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " تَنَامُ عَينَاي، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي "، فإنما أراه من الرؤيا بالعين التي كانت تنام لا رؤيا قلب وعلم.

قال سعيد بن المسيب: هي رؤيا منام: روي أن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رأى قومًا على منابر، فساءه ذلك، فذكر أنهم كانوا يعطون مالًا؛ فذلك فتنة لهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنه أري رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في المنام كأنه يدخل المسجد الحرام آمنًا، فأخبر بذلك أصحابه أنه رأى ذلك، فلما كان عام الحديبية، وصرف عن البيت ارتاب بعض الناس في رؤياه، فذلك فتنة للناس على ما أخبر، لكنّه لم يبين له متى يدخل فيه، وقد وعد أنه يدخل فيه آمنًا، وهو ما قال: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ)، والفتنة: المحنة الشديدة، فإن كان ذلك في الرؤيا التي رآها في مسير بيت المقدس، وما أخبر من الآيات - لا يتوهم مثل ذلك بتعليم بشر ولا بسحر؛ فذلك الذي أخبرهم أنه رأى فتنة لهم ومحنة في التصديق والتكذيب في الخبر الذي أخبر أمن الآيات، لا يتوهم، مثل ذلك بتعليم بشر، فإن كان على رؤيا منام فهو فتنة لما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>