ثم تخصيص الخطاب لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والأمر له بإقامة الصلاة يكون كأنه قال:(أقم لهم الصلاة)، فإن كان هذا، ففيه دلالة صحة صلاة القوم بصلاة الإمام، وتعلق صلاتهم بصلاة الإمام حيث قال:(أقم لهم الصلاة)، ولو كان كل أحد يقيم صلاة نفسه، لكان لا يقول:(أقم لهم الصلاة)، ولكن يقول (صل الصلاة)؛ فدل أنه على ما ذكرنا.
ثم قوله:(لِدُلُوكِ الشَّمْسِ): يحتمل وجهين:
أحدهما: أقم الصلاة للذي تدلك له الشمس أي: تسجد، كقوله:(يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ. . .) الآية.
والثاني: أقم الصلاة للوقت الذي يتلو دلوك الشمس الصلاة وأقم قراءة الصلاة.
ثم تخصيص الفجر لما ذكر حيث قال:(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، التخصيص لقرآن الفجر لأنه مشهود، والفرضية بها بقوله: أقم قرآن الصلاة على ما ذكرنا.
ثم قوله:(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) أي: لم يزل في علم اللَّه كان مشهودًا، أو صار مشمهوذا، ثم قال:(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ): وهي صلاة الفجر، وإنَّمَا ذكر صلوات النهار فدخل صلوات الليل بقوله:(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ)، لكنهم يقولون: إن التهجد بعد النوم، وقد يكره النوم قبل فعل المغرب والعشاء فلا يصح هذا.
ومنهم من يقول:(لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) غروبها، وهو قول عبد اللَّه بن مسعود وغيره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: فيه ذكر صلوات الليل؛ لأنه ذكر بدوّ ظلمة الليل، وذلك بالغروب، وقرآن الفجر وهو آخر ما ينتهي ظلمة الليل؛ لأنه يبقى ظلمة الليل إلى وقت الفراغ من الفجر.