والسابع: حفظه إياهم عن جميع الخلائق حتى لم يطلع، ولم يعثر عليهم أحد من الخلائق.
والثامن: إبقاؤهم أحياء أكثر من ثلاثمائة سنة بلا غذاء، والأنفس لا تبقى بلا غذاء بدون ذلك؛ وذلك باللطف، وأمثال هذا كثير مما يكثر عدها وإحصاؤها.
كله من آيات عظيمة خارجة عن وسع البشر وعادتهم؛ فذلك لهم باختيارهم دين الله من بين قومهم، وبمفارقتهم إياهم؛ ليسلم لهم دينهم؛ إذ الغلبة فيهم يومئذ الكفر، فأكرمهم اللَّه بذلك بالكرامات التي ذكرنا؛ فلا ننكر أن يعطي اللَّه أحدًا من أوليائه قطع مسيرة أيام بيوم أو بساعة، أو المشي على الماء، ونحو ذلك، ليس بمستبعد ولا مستنكر.
وقول أهل التأويل: إنهم كانوا كذا، والكلب كذا، وأساميهم كذا، وعددهم كذا، ونحوه؛ فذلك مما لا يعلم إلا بخبر الصدق وقول الحق، وقد نهى رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن يستفتي فيهم منهم أحدًا حيث قال:(وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا) وما ذكر هَؤُلَاءِ كله من الاستفتاء الذي نهى رسوله عن ذلك.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ:(تزَاوَرُ) أي: تميل، وتزور مثله.
(تَقْرِضُهُمْ)، أي: تدعهم على شمالها، أي: أن الشمس لا تصيبهم طالعة ولا غاربة عند طلوعها وغروبها، ويقال: قرضته: تركته، أقرضه قرضًا، ويقال: قرضت موضع كذا، أي: جاوزته وتركته خلفي، ويقال: قرضه، أي: قطعه بمقراض، وتزاور يتزاور، أي: عدل ومال (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ): أي سعة، وفجوات جمع.
ويحتمل قوله:(ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ) أي: ذلك النبأ وما ذكر من قصة أصحاب الكهف من آيات قدرة اللَّه، أو من حجج اللَّه على إثبات رسالة رسوله ونبوته.
أو من آيات كراماته للفتية ولمن اختار دين اللَّه وآثره على غيره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ ت (تَزَاوَرُ) و (تَقْرِضُهُمْ) كلاهما واحد، وهو أن تميل عن كهفهم فتدعهم ذات اليمين، (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ) أي: تدعهم ذات الشمال.
وقوله:(وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي: زائفة من الكهف، قال أبو معاذ: الزائفة: قدر ما يصلح.