وقالوا: الحرج: الضعيف في هذا، وفي غير هذا الموضع، قيل: هو شك في قوله: (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ)، أي: شك، والضيق إنما يكون من الشك إذا شك في شيء ضاق صدره فيه.
قال أبو معاذ: وأصل الحرج في الكلام: شجر من شوك ملتف، والواحدة: حرجة، منه: حرجة مسلم.
وقوله:(هُوَ اجْتَبَاكُمْ).
أي: اختاركم، وفي حرف ابن مسعود وأبي:(هو اجتباكم وسماكم المسلمين من قبل)، وهذا يؤيد تأويل من يقول: هو سماكم المسلمين، أي: اللَّه سماكم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، قال: لم يفرض اللَّه على هذه الأمة شيئا إلا جعل فيه رخصة لهم عند الاضطرار؛ مثل التيمم إذا لم يجد ماء، ويصلي قاعدًا ومضطجعًا في المرض، وتفطر إذا كنت مريضًا، ونحو هذا، ليس فريضة إلا فيها رخصة، ولم يكن من قبل ذلك، وهو قول مقاتل بن حيان.
وقال قتادة: قوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، أي: ضيق، قال: أعطيت هذه الأمة ثلاثًا لم يعطها إلا نبي: كان يقال للنبي: اذهب فليس عليك حرج، وقال اللَّه لهذه الأمة:(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، وكان يقال للنبي: أنت شهيد على قومك، وقال اللَّه لهذه الأمة:(وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)، وكان يقول للنبي: سل تعطه، وقال الله لهذه الأمة:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله:(ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)، أي: صلوا لله، كقوله:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ)، يقول: صلوا، لا يصلون.
وقال قتادة:(ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)، قال: لا صلاة إلا بركوع، وإن أقوامًا أحدثوا بدعًا: يسجد أحدهم مائة سجدة لا يركع فيهن، وكان يقال: ثلاث مما أحدث الناس: " رفع الأيدي في الدعاء، والأصوات عند المسألة، والاختصار في السجود ".
وقال أبو هريرة:" لا يصلح سجود إلا بركوع "، واللَّه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وبه نستعين.