عليه. وقَالَ بَعْضُهُمْ: فارغًا من كل شيء إلا على موسى وذكره، وكأن قوله:(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) جواب قوله: (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ. . .) الآية.
وهو يحتمل وجوهًا:
أحدها: أن اللَّه رفع الحزن والخوف وطمأنها من غير أن كان ثمة قول أو كلام.
والثاني: على القول لها: لا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين، فلو كان على هذا فهو على البشارة لها بالرد إليها وجعله رسولا، أو على النهي والزجر عن الحزن عليه والخوف عليه، هو حزن مفارقته لها، والخوف عليه خوف الهلاك؛ كقول يعقوب حيث قال:(إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ)، ذكر الحزن عند المفارقة والذهاب عنه، والخوف عند الهلاك، فرفع اللَّه عنها حزن المفارقة، وبشرها بالرد إليها وجعله رسوله وأمنها عن الهلاك؛ فيكون قوله:(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) مما خافت عليه وحزنت، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا): كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها بما ذكر من قوله: (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي. . .) الآية، فلم تكد أن تبدي، وهو كما ذكر:(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) أي: كان يهم بها لو لم ير برهان ربه لا أنه هم بها؛ وهو كقوله:(وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)، أي: كان يركن إليهم شيئًا قليلا لو لم يثبته، لكنه ثبته فلم يركن إليهم ونحوه؛ فعلى ذلك الأول.
وقال أهل التأويل: ربط قلبها بالإيمان.
وجائز أن يكون ربطه قلبها لما ذكر من قوله:(وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي. . .) الآية.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(فَارِغًا) من عهد اللَّه الذي كان عهد إليها، أنساها عهد اللَّه عظم البلاء الذي حل بها، فكادت تبدي به، ثم تداركها اللَّه بالرحمة فربط على قلبها فذكرت وارعوت.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: اتخذه فرعون ولدًا، فصار الناس يقولون: ابن فرعون ابن فرعون، فأدركت أمه الرقة وحث الولد فكادت تقول: بل هو ابني، والأوّل أشبه، وفي حرف