للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما أحوجهم الاختلاف إلى من يقوم بذلك من وجه يُعلم صدقه في ذلك؛ فبعث رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - نعمة منه عليهم، إذ بطاعته نجاتهم، ولا قوة إلا باللَّه.

ويحتمل: (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) أي: وجهوا شكرَ نعمتي إليَّ، ولا توجهوها إلى غيري.

فإن كان هذا المراد، فهم وغيرهم فيه سواء؛ إذ على كل مُنْعَم عليه أَن يوجه شكر نعمه إلى ربه.

وكان الأمر بذكر النعمة - واللَّه اّعلم - أَمرًا بعرفانها في القلب أَنها مِنَّةٌ، لا الذكر باللسان؛ إذ لا سبيل إلى ذكر كل ما أنعم عليه سوى الاعتراف بالعجز عن أداء شكر واحدة منها طول عمره.

وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي).

قد ذكرنا فيما تقدم أن عهد اللَّه على وجهين:

عهد خلقة: لما جعل في خلقة كل أَحد دلائلَ تدل على معرفته وتوحيده، وأَنه لم يخلقه للعبث، ولا يتركه سدى.

وعهد رسالة: على أَلسن الرسل؛ كقوله تعالى: (إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي. . .) الآية.

وكقوله: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. . .) الآية.

وكقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ. . .) الآية.

وقوله تعالى: (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ).

الذي وعدتكم؛ وهو الجنة، كقوله: (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ. . .) الآية.

ويقال: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) أي: أدوا ما فرضْتُ عليكم من فرائض، ووجهوا إليَّ شكر نعمتي، ولا تشكروا غيري.

ويكون أوفوا بعهدي الذي أَخذ على النبي ين بقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ. . .) (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) فيكون عهدُه تبليغَ ما بَيّن في كتبهم؛ من بعث مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والإقرار به، والنصر له إذا بعث مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وقوله: (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).

أَي: اخشوا سلطاني وقُدْرتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>