وقَالَ بَعْضُهُمْ: تأويل قوله: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) من الأقربين منهم، أي: أولو الأرحام من المؤمنين والمهاجرين الأقرب فالأقرب منهم، (بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) من الأبعدين في المواريث أي: الأقرب منهم بعضهم أولى ببعض من الأبعدين.
على هذا التأويل يكون قوله:(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ): الأبعدين (مَعْرُوفًا): وصية أو شيئا، فذلك معروف فصارت المواريث للقرابات الأدنى فالأدنى من المؤمنين دون الأبعدين؛ فيكون الآية التي في الأنفال وهذه سواء على هذا التأويل، بل يكون الأقرب فالأقرب والأدنى فالأدنى أولى بالمواريث من غيرهم.
وبعضهم يقول: إن الآية نزلت ناسخة لما كان منهم من التوارث بالمؤاخاة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يؤاخي بين رجلين، فإذا مات أحدهما ورثه الباقي منهما دون عصبته، حتى نسخ ذلك بالآية التي ذكر؛ فعلى ذلك يكون قوله:(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا) هو أن يصنعوا إلى الذين آخى بينهم النبي معروفًا.
ثم اختلف في أولي الأوحام المذكورين في الآية:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هم الذين ذكرهم في قوله: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. . .)، إلى آخر ما ذكر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليسوا هم؛ وإنَّمَا الذي ذكر في ذلك هم الذين بيّن لهم حد مواريثهم، فأما غيرهم فإنما هم في قوله:(وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) فإنما يرث الأقرب فالأقرب منهم، وكذلك يقول أبو حنيفة - وحمه اللَّه -: إن أولي الأرحام إنما يرث الأقرب فالأقرب منهم، ليس كالعصبات؛ لأن الابنة لا شك أنها أقرب من ابن العم، ثم يكون النصف للابنة والبقية لابن العم.
وقوله:(كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: في اللوح المحفوظ بأن المؤمنين بعضهم أولى ببعض في المواريث