وقال عامة أهل التأويل:(مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ)، أي: من مرد ومرجع وقرار.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو مد البصر، يقول: هي أقرب من ذلك، كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)، واللَّه أعلم.
وأصل الفواق: كأنه من العود والرجوع كعود اللبن إلى الضرع بعد ما حلب مرة، والله أعلم.
ذكر عن الحسن في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) يقول: حارث القرآن بقلبك وهو من قول العرب: صادته الدابة إذا كانت امتنعت فأطعمها حتى ذلت ولانت.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ:(ص): هو أشد كلام وهو شبه قسم، والصاد في غير هذا الموضع العطشان، وقوم صادون.
ثم اختلف في موضع القسم على ما ذكر: قال الكسائي: من القسم في القرآن ما هو ظاهر لا يخفى، ومنه غامض:
ومن غامضه:(ص) قال بعض الناس: موضع قسمه قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)، واللَّه أعلم.
لا أراه شيئًا لحال الكلام ولما قص من القصص ما لا يكون ذلك قسمه.
ولكن قسمه - واللَّه أعلم - عندي:(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)، ثم اعترض:(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ. كَمْ أَهْلَكْنَا) القسم هاهنا بـ (كَمْ أَهْلَكْنَا)، ولكن لما اعترض:(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) صار قوله ردا عليه وجوابًا له؛ وهو غريب ظريف غامض.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذِي الذِّكْرِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: ذي الشرف، أي: من أوتيه شرف، وقيل: ذي الشأن، وقيل: ذي الذكر، فيه ذكر ما يؤتى وما يتقى، وذكر من كان قبله من الأمم الخالية.