للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ فعلى ذلك سماه " آزفة " لدنوه وقربه منهم، يقال: أزف فلان إلى فلان، أي: قرب ودنا منه، ومعناه: أي: أنذرهم بما إليه مرجع عاقبتهم ومصيرهم؛ لأن أهل العقل والتمييز إنما يعملون ويسعون للعاقبة وما إليه يرجع أمورهم وهو ذلك اليوم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ).

يخبر عن شدة حالهم وفزعهم في ذلك اليوم، ليس أن يزول قلوبهم عن أمكنتها وترتفع إلى الحناجر حقيقة، ولكنه وصف لشدة حالهم في ذلك اليوم وكثرة خوفهم وفزعهم وضيق صدورهم؛ وهو كقوله - تعالى -: (وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ)، أي: ضاقت صدورهم وقلوبهم بما حل بهم من الشدائد والأهوال، ليس أن صارت الأرض في الحقيقة مضيقة لا يسعون فيها، ولكن وصف لضيق صدورهم لعظم ما نزل بهم، فكنى بضيق الأرض عن ضيق صدورهم؛ فعلى ذلك جائز أن يكون ما ذكر من كون القلوب لدى الحناجر كناية عن ضيق صدورهم لشدة حالهم وعظيم ما حل بهم، واللَّه أعلم.

والحناجر هي مواضع الذبح من الشاة وغيرها من الدواب، واحدها: حنجرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَاظِمِينَ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: الكاظم: المغموم الذي يتردد خوفه في جوفه غيظًا؛ لما كان منه في الدنيا.

وقيل: الكاظم لا يتكلم، قد كظم من الخوف.

وقيل: الذي لا يفتح فمه؛ وهو قريب بعضهم من بعض.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ).

أي: قريب، وقيل: الحميم: هو الذي يهتم بأمر صاحبه، ويسعى في دفع ما نزل به من البلاء.

وقوله: (وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ).

أي: يجاب: يذكر: ألا يكون لهم في الآخرة قريب يهتم لأمرهم، ولا شفيع يشفع لهم؛ فيجاب كما يكون في الدنيا؛ وكذلك قوله: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) أي: لا يكون لهم شفعاء ينفعهم شفاعثهم، وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ - في آية أخرى: (وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ. . .) الآية ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>