والثاني: جعل منها الذكور والإناث - أيضًا - كما جعل من البشر.
وقوله:(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) اختلف في تأويل قوله: (يَذْرَؤُكُمْ)، والمراد بقوله:(فِيهِ): أن الهاء كناية عن ماذا؟
قَالَ بَعْضُهُمْ:(يَذْرَؤُكُمْ) أي: يكثركم.
وقيل: يعيشكم فيه.
وقيل: يرزقكم فيه، ويعمركم.
وقيل: يخلقكم.
وأما قوله:(فِيهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يجيء قوله: (فِيهِ)، أي: فيها، كناية عن الأنعام، وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (يَذْرَؤُكُمْ فِيهَا) أي: في الأنعام؛ لما جعل للبشر فيها من أنواع المنافع.
وأما من قرأه (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) بغير ألف فهو يجعله كناية عن العالم؛ كأنه يقول:(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) أي: يخلقكم في العالم ويكثركم فيه ويعيشكم ويعمركم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ:(يَذْرَؤُكُمْ) أي: يكثركم في هذا التزويج الذي جعل بينكم؛ أي: يكثركم بسبب هذا التزويج لم يكثر الناس.
وجائز أن يكون قوله:(فِيهِ) كناية عن التدبير؛ يقول:(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ): يخلقكم فيه نسلا بعد نسل؛ كقوله - تعالى - (ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ)، وهو قول الْقُتَبِيّ وأبي عَوْسَجَةَ.
يستدل بعض أهل التشبيه بأن له مثلا بقوله - تعالى - (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) يقولون: لو لم يكن مثل لم يذكركاف التشبيه؛ حيث قال:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، لكن نفى مثلية الأشياء عن مثله؛ فيكون فيه إثبات مثل له لا يشبه سائر الأشياء سواه؛ أو كلام نحو هذا.
وعندنا: قوله - تعالى - (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أي: ليس مثله شيء، والكاف قد تزاد في الكلام.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: ليس كهو شيء، والعرب قد تقيم المثل مقام النفس.