للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نجا منكم إلا عمر " أو كلام نحوه - دل أن الحكم فيهم القتل؛ أعني: في هَؤُلَاءِ الذين حكم فيهم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالقتل؛ لذلك قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ما نجا إلا عمر " فدل هذا الخبر أن للإمام أن يقتل أسارى أهل الشرك، وله أن يمنَّ عليهم بالترك بالجزية في حق أهل الكتاب والعجم، فإنه لما جاز لنا في الابتداء أن نأخذ منهم الجزية إذا أبوا الإسلام وتركهم على ما هم عليه، فعلى ذلك بعد الظفر بهم والقدوة عليهم.

ثم قالا بعضهم: الآية -وهو قوله: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) - تخالف من حيث الظاهر لقوله: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ)، ونحو ذلك، ولكن أمكن التوفيق بين الآيتين: هذه في قوم، والأخرى في قوم آخرين، أو هذه في وقت والأخرى في وقت آخر، واللَّه أعلم.

وقوله - عز وجل -: (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا).

قال بعضهم: حتى يخرج عيسى ابن مريم - عليهما السلام - فعند ذلك تذهب الحروب والقتال، أي: اقتلوهم، وافعلوا بهم ما ذكر إلى وقت خروج عيسى - عليه السلام - وقَالَ بَعْضُهُمْ: (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) أي: حتى يضعوا أسلحتهم ويتركوا القتال.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: حتى يذهب الكفر والشرك، ولا يكون الدِّين إلا دين الإسلام، وهو كقوله - تعالى -؛ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ)، أي: شرك وكفر، والله أعلم.

قيل: الإثخان: هو الغلبة والقهر بالقتل والجراح.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (أَثْخَنْتُمُوهُمْ)، أي: أكثرتم فيهم القتل والجراحة، ويقال في الكلام: ضربته حتى أثخنته: حتى لا يقدر أن يتحرك، والوثاق: ما أوثقت به كل يدي الرجل أو رجليه؛ يقال: أوثقته واستوثقت منه.

وقوله: (أَوْزَارَهَا) أيٍ: أثقالها، واحدها: وزر، وهو الثقل.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) أي: يضع أهل الحرب السلاح. وأصل الوزر ما حملته، فسمي السلاح: وزرًا؛ لأنه يحمل، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>