ورُويَ عن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - قال: كان آصفُ كاتب سليمان، وكان يعلم الاسم الأعظم، وكان يكتب كل شيء بأَمر سليمان، ويدفنه تحت كرسيه؛ فلما مات سليمان أَخرجته الشياطين، فكتبوا بين كل سطرين سحرًا، وكفرًا، وكذبًا؛ فقالوا: هذا الذي كان يعمل به سليمان؛ فأكفرَه جهالُ الناس وسبوه، ووقف علماؤهم، فلم يزل جهالُهم يسبونَه؛ حتى أَنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ. . .) الآية.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن الشياطين ابتدعت كتابًا من السحر والأَمر العظيم، ثم أَفشته في الناس وعلمته إياهم؛ فلما سمع بذلك سليمان تتبع تلك الكتبَ، فدفنها تحت كرسيه كراهية أَن يتعلمها الناس. فلما قُبض نبيُّ اللَّه سليمان - عليه السلام - عمدت الشياطين إلى تلك الكتب فاستخرجتها من مكانها، وعلموها الناس، وأَخبروهم أَنه علم كان سليمان يكتمه، ويستأثره؛ فَعَذر اللَّه نبيه سليمان، وبرأَه من ذلك على لسان نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بقوله تعالى:(وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ. . .) الآية.
وقيل أيضًا: لما مات سليمان - عليه السلام - وقع في الناس أوصابٌ وأَوجاعٌ؛ فقال الناس: لو كان سليمان - عليه السلام - حيًّا لكان عنده من هذا فرج، فظهرت الشياطينُ لهم فقالوا: نحن ندلكم على ما كان يعمل به سليمان - عليه السلام - فكتبوا