للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقاموا التوراة - وفيها أَمر لهم بالإسلام، واتباع الرسول مُحَمَّد - فهُم على شيء.

ومعنى هذا الكلام - واللَّه أعلم - أن قال لهم: كيف قلتم ذلك، وعندكم من الكتاب ما يبين لكم، ويميز الحق من الباطل، ويرفع من بينكم الاختلاف، لو تأَملتم فيه وتدبرتم؟!

ويحتمل: أَن كل فريق منهم لما قال لفريق آخر ذلك: أنهم ليسو على شيء، أكذبهم اللَّه - تعالى - ورد عليهم: بلى من أَسلم منهم فهم على شيء؛ لأَنه كان أَسلم من أَوائلهم.

ويحتمل: أَنهم ليسوا على شيء، على نفس دعاويهم، وقولِهم في اللَّه بما لا يليق، وهم على شيء، في تكذيب بعضهم بعضًا بما قالوا.

وقيل: لما قالت اليهود: ليست النصارى على شيء من الدِّين؛ فما لك يا مُحَمَّد اتبع ديننا؛ فإنهم ليسوا على شيء؛ وكذلك قول الفريق الآخر لأُولئك.

ثم اختلف في " الإسلام ":

قيل: الإسلام هو الخضوع.

وقيل: الإسلام هو الإخلاص بالأفعال، وهو أَن يُسلم نفسه لله، أَو يسلم دينه، لا يشركه فيه.

وقوله: (كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).

قيل: الذين لا يعلمون: الذين لا كتاب لهم، وهم مشركو العرب.

وقيل: الذين لا يعلمون: هم الذين لا يقدرون على تلاوة القرآن والكتاب، وتمييز ما فيه، وهم جُهَّالهم.

سوَّى - عَزَّ وَجَلَّ - بينهم في القول -مَنْ علم منهم ومَن لم يعلم- لأَن من علم منهم لم ينتفع بعلمه؛ فكان كالذي لم يعلم شيئًا، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم في قوله: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)، أَنه سماهم بذلك؛ لما لم ينتفعوا بالآيات، والأَسباب التي أَعطاهم اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - واللَّه أعلم.

وقوله: (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).

بالعذاب؛ لاختلافهم فيما بينهم، وبقولهم في اللَّه بما لا يليق، تعالى اللَّه عما يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>