دل الأمر بالإنفاق على النهي عن الإخراج، كما دل النهي عن الإخراج على وجوب الإنفاق.
ثم التخصيص بذكر الإنفاق على الحامل يحتمل أن يكون لمعنى: أنها في الحقيقة، لم تدخل في قوله:(لَا تُخْرِجُوهُنَّ)؛ لأنا قد وصفنا أنها نهيت عن الخروج لتحصين ماء الزوج، وإذا مضت تسعة أشهر فقد خرجت عن التحصين؛ فكان الواجب أن تسقط النفقة بعد التسعة، وقد ذكرنا هذا المعنى فيما تقدم.
ويحتمل أن يكون الفائدة في تخصيص الحوامل بالإنفاق عندنا - واللَّه أعلم - أنه لولا هذه الآية، لكانت الحوامل يخرجن عن قوله - تعالى -: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ)، ومن قوله:(وَلَا يَخْرُجْنَ)؛ لأن الأزواج لهم أن يحتجوا عليهن بأن حرمة النكاح في ذوات الأحمال ليس لحق الأزواج، ولكن لحق ما في بطنها من الولد؛ ألا ترى أنه يحرم عليها النكاح وإن كان الولد من غيره، وقد قلنا: إن النفقة إنما وجبت في غير الحوامل؛ لأنهن يحبسن عن نكاح الأجانب بحق الأزواج، فإذا كان الحبس في الحوامل لا لحق الأزواج، جاز أن يكون هذا حجة لهم في إسقاط النفقة عنهم، وإذا كان كذلك، حث اللَّه لهم في الإنفاق على الحوامل ما لم يضعن حملهن؛ لأن ذلك الحمل من أثر استمتاعهم المتقدم؛ ففائدة تخصيص ذكر الحوامل هذا، واللَّه أعلم.
أحدها: أنه قال: (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، ثبت أن الإرضاع كان بإجارة، وأنه إذا استأجرها ليرضع ولده منها بعد المفارقة، جازت الإجارة وحل لها أخذ الأجر، وأنه إذا استأجر امرأته في صلب النكاح على إرضاع ولده منها لم يجز، ولم يكن لها أخذ الأجر؛ لأن اللَّه - تعالى - ذكر بدل الرضاع في صلب النكاح بلفظ:(الرزق) بقوله: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ