وقال آخرون: عينها محرمة لكن التناول منها مباح. وهو قول أصحابنا رحمهم اللَّه.
فمن قال بحل عينها للضرورة ذهب إلى أن الحظر والإباحة لا يقع في الأصل لعين الشيء، ولا يتكلم فيها بحل ولا حرمة بحيث العين، بل الحرمة والحل هي الواردة عليها، موجبة حق الحرمة، ثم الحرمة ترتفع بالضرورة. فيبقى عينه على ما كان في الأصل.
ومن قال بحرمة عينها وبحل التناول منها ذهب إلى أن الحرمة حدثت لما كانت ميتة ومهلًّا لغير وجه اللَّه. فحدوث الحل للضرورة يدل على أن العلة كانت هي الضرورة في حق رفع حرمة التناول، ولم ترفع حرمة عينها إلا أنه أبيح التناول منها للضرورة على بقاء الحرمة. ولكن يجب ألا يتكلم في هذا ومثله بحرمة العين وحلها بعد أن تكون الإباحة للضرورة؛ إذ لله أن يحل عينا محرمة في حال الاضطرار، وله أن يحرم عينها ويحل التناول منها للاضطرار. فالتكلم فيه فضل وتكلف. وباللَّه التوفيق.