للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر العمرة بقوله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، وروي في الخبر، يرويه ابن عمر، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - خرج معتمرًا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت الشريف، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية، وقوله: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)، فيه دلالة أن المحصر يبقى حرامًا على حاله، لا يحل حتى ينحر عنه الهدْي.

واختلف أهل العلم: أين يذبح الهدْي؟

فعندنا: أنه لا يجوز أن يذبح إلا في الحرم؛ رُويَ عن ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - أنه قال: " يبعث بهدْي ويواعدهم يومًا، فإذا نحر عنه حل ". وعن ابن عَبَّاسٍ، رضيَ اللَّهُ تعالى عنهما، مثل ذلك. وعن ابن الزبير وعروة ابن الزبير - رضي الله تعالى عنهما -: أن المحصر يبعث بالهدْي فإذا نحر عنه حلق.

وظاهر القرآن يدل على ما رُويَ عن هَؤُلَاءِ؛ لأن اللَّه تعالى قال: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)، فجعل للهدْي محلا يبلغه، وبين موضع محله فقال: (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) وكانت الكعبة محلا لجزاء الصيد والدم المحصر.

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: المحل: اسم الموضع الذي يحل فيه. ولو كان كل موضع له محلا لم يكن لذلك المحل فائدة.

واحتج من خالف أصحابنا رحمهم اللَّه بما روى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذبح الهدْي يوم الحديبية ثم قال: ولم يبلغنا أنه نحره في الحرم. قبل روي أنه نحر هدْيه يوم الحديبية في الحرم، يرويه مروان بن الحكم.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: نزل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الحديبية فحال المشركون بينه وبين دخول مكة، وجاء سهيل بن عمرو يعرض عليهم الصلح فصالحهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>