(الْعَفْوَ): هو الفضل عن القوت، وذلك أن أهل الزروع كانوا يتصدقون بما يفضل عن قوت سنة، وأهل الغلات يتصدقون بما يفضل عن قوت الشهور، وأهل الحرف والأعمال يتصدقون بما يفضل عن قوت يوم، ثم نسخ ذلك بما رُويَ عن أنس بن مالك، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال:" الزكاة نسخت كل صدقة كانت، وصوم شهر رمضان نسخ كل صوم كان، والأضحية نسخت، كل دم كان ". فإن ثبت هذا فهو ما ذكرنا.
ورُويَ عن ابن عَبَّاسٍ، رضيَ اللَّهُ تعالى عنهما، قال: كان هذا قبل أن تقرض الصدقة.
دليل ذلك ظهور أموال كثيرة لأهلها في الصحابة، رضوان اللَّه تعالى عنهم أجمعين، إلى يومنا لم يخرجوا من أملاكهم، ولا تصدقوا بها، ولا أنكر عليهم؛ فثبت أن الأمر في ذلك منسوخ، أو هو على الأدب.
قيل: أما في الدنيا: فتعلمون أنها دار بلاء وفناء، وأما الآخرة: دار جزاء وبقاء، فتفكرون فتعملون للباقية منهما.
وقال الحسن: إي - واللَّه - ومن تفكر فيهما ليعلمن أن الدنيا دار بلاء، وأن الآخرة دار بقاء.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه تعالى عنه -: (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، قال: يعني في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائها. بل يعلم بالتفكر أن الدنيا للزوال، علم أنها هي للتزود لدار القرار، فيصرف سعيه إلى التقديم، وجهده في فكاك