للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن قلبي حلَّ فيها فعاقني ... وأقعدني بالصغر عن فسحة الفضا

وإني لممن يرقب الدهر راجيًا ... ليوم سرور غير مغرى بما مضى

وقال البستي:

للناس في أخراهم جنة ... وجنة الدنيا سمرقند

يا من يسوي أرض بلخ بها ... هل يستوي الحنظل والقند

دخول الإسلام سمرقند:

وأول من دخل سمرقند من المسلمين وفتحها هو سعيد بن عثمان عندما ولي خراسان من جهة معاوية سنة خمس وخمسين من الهجرة، فقد عبر النهر ونزل عليها محاصرًا، لكنه تركها، ومن ثم قال يزيد بن مفرغ يمدح سعيد بن عثمان وكان قد فتحها:

لهفي على الأمر الذي ... كانت عواقبه الندامه

تركي سعيدًا ذا الندى ... والبيت ترفعه الدعامه

فتحت سمرقند له ... وبنى بعرصتها خيامه

وتبعت عبد بني علا ... ج تلك أشراط القيامه

وفي سنة سبع وثمانين من الهجرة عبر قتيبة بن مسلم الباهلي النهر وغزا بخارى والشاش ونزل على سمرقند، وهي غزوته الأولى، ثم غزا ما وراء النهر عدة غزوات في سنين سبع، وصالح أهلها على أن له ما في بيوت النيران وحلية الأصنام، فأخرجت إليه الأصنام وأمر بتحريقها، فقال سدنتها: إن فيها أصنامًا من أحرقها هلك، فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، وأخذ شعلة نار وأحرقها، فاضطرمت، فوجد بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب خمسين ألف مثقال.

ويمكن أن نقول: إن الماتريدي عاش في عصر الدولة السامانية التي وليت سمرقند ما بين ٢٦١ - ٣٨٩ هـ، وكان ملوكها أحسن الملوك سيرة وإجلالاً للعلم وأهله كما أشرنا من قبل.

لقد نشأ الماتريدي في هذه المدينة التي تتمتع بخصائص ومميزات، سواء من ناحية طبيعتها، أو أهلها، أو حتى حكامها، وهذه أمور تساعد على تحصيل العلم والبروز فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>