للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قدر أبو حنيفة - رضي اللَّه تعالى عنه -، الزيادة بستة أشهر، ذهب في ذلك إلى أن الفطام ربما يعترض ويعترى في حال -وهو حال الحر والبرد- ما لو منع الرضاع منه لأورث هلاك الصبي وتلفه، لما لم يعود بغيره من الطعام، ففيه خوف هلاكه، فإذا كان فيه خوف هلاكه، لما ذكرنا، استحسن أبو حنيفة، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، إبقاءها بعد الحولين لستة أشهر، إذ على هذين الحالين تدور السنة. واللَّه أعلم.

وقال زفر: بزيادة سنة، ذهب في ذلك إلى أنه لما جاز أن يزاد بالاجتهاد على حولين بستة أشهر، جاز أن يزاد بالاجتهاد على الحولين بسنة.

قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: وعلى ما زيد على المذكور من الحبل مثل أقل وقت الرضاع، يزاد على المذكور من الرضاع مثل أقل الحبل، أو لما احتمل الأقل الانتقال إلى الوسط يحتمل الوسط الانتقال إلى الأكثر، وذلك في قوله: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا).

وقوله: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)، يحتمل وجهين:

يحتمل: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)، في ترك الإنفاق عليهما.

ويحتمل: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) في انتزاع الولد منها، وهي تريد إمساكه.

وقوله تعالى: (وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ)، كذلك يحتمل وجهين:

ويحتمل: لا يضار الوالد بولده في ردها الولد عليه ورميه إليه بعد ما، ألف الولد الأم.

ويحتمل: لا يضار الوالد في تحميل فضل النفقة عليه وملكه لا يحتمل ذلك، بل إنما يحمل عليه ما احتمله ملكه.

وفي قوله: (وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ)، دليل أنه إنما يسمى (الوالد) على المجاز، ليس على التحقيق؛ لأنه لم يلد هو، إنما ولد له؛ فثبت أن الرجل يستحق اسم الفعل بفعل غيره، وكل معمول له يستحق اسم الفاعل وإن لم يعمل هو، نحو ما سمي (والدًا)، وإن لم يلد هو، وإنما ولد له.

<<  <  ج: ص:  >  >>