وفيه دليل حرمتها على الأزواج لبقية الملك، فالخطاب للأجنبيين، لا للأزواج؛ إذ للأزواج الإقدام على النكاح وإن كن في عدة منهم.
قال الشيخ، رضيَ اللَّهُ تعالى عنه، في قوله:(وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ): حمل على التحريم، وإن احتمل الذي هو بهذا المخرج غير التحريم؛ لاتفاق الأمة على صرف المراد إليه، ولقوله:(حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)، أي: ما كتب عليها من التربص، ولما كان النهي عن ذلك بما لزمها العدة للزوج الأول فهي باقية بها على ما سبق من النكاح المحرِّم لها على غيره؛ فلذلك بقيت الحرمة، ولهذا جاز لمن له العدة النكاح فيها؛ إذ لا يجوز أن يمنع حقه. واللَّه أعلم.
فيه إطماع المغفرة وإمهال العقوبة من ارتكب النهي وخالف أمره. واللَّه أعلم.
(وَاعْلَمُوا. . .) الآية، حذره علمه بما في أنفسهم، ليكونوا مراقبين له فيما أسروا وأعلنوا، وليعلموا أنهم مؤاخذون بما أضمروا من المعاصي والخلاف له، وأن الذي لا يؤاخذ به العبد هو الخطر بالبال، لا بالعزم عليه والاعتقاد.
ثم أخبر أنه (غَفُورٌ)؛ ليعلموا أن استتار ذلك مما غفره وأنهم قد استوجبوا بفعلهم الخزي، لكن اللَّه بفضله ستره عليهم ليشكروا عظيم نعمه، أو لئلا ييأسوا من رحمته فيستغفروه.
وذكر (حَلِيمٌ)؛ لئلا يغتروا بما لم يؤاخذوا بجزاء ما أضمروا في ذلك الوقت، فيظنون الغفلة عنه، كقوله عَزَّ وَجَلَّ:(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢).