ثم يحتمل قوله:(بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ)، علم الحرب والقتال.
ويحتمل: علم الأشياء الأخر على حفظ الرغبة وغيره.
قال الشيخ، رحمه اللَّه تعالى، في قوله:(أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ): فهو - واللَّه أعلم - لأي معنى جعل له الملك علينا؛ أو كيف يكون له الملك علينا، ونحت بظاهر الأسباب التي تحقق الملك أملك، فنكون بها أحق بالملك منه فبين اللَّه أن المعنى الذي له صار أحق بالملك منهم في ذلك الأمر. واللَّه أعلم.
والحرف (أَنَّى) وإن كان مما يتعارف في الإنكار فليس هو كذلك في الحقيقة؛ إذ قد أخبرهم من هو نبي عندهم، ومن تقرر عنده نبوة أحد لا يحتمل تكذيبه إياه في هذا. والله أعلم.
وقد يحتمل كون أهل النفاق فيهم، فيكون منهم الإنكار أيضًا كما كان أمثال ذلك في عهد رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يؤيد سؤالهم الآية حتى قال:(إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ) كذا. واللَّه تعالى أعلم. ويؤيد ذلك كثرة مخالفتهم إياه لما امتحنوا بالنهر. واللَّه الموفق.
وفي هذا ونحو ذلك دلالة جواز الآيات بغير الرسل إذا كان فيها تصديق الرسل، وكذلك قصة مريم، وكذلك عمل صاحب سليمان، وغير ذلك مما جاء به الكتاب، لكن ذلك يجوز إذا كان منهم تصديق الرسول، فيكون في التحقيق كآيات لهم ظهرت على ألسن غيرهم أو أيديهم. ومن أراد بها ادعاء الرسالة لنفسه فيعجز عن ذلك، بل لا يكرم اللَّه بها من يعلم أنه يدعو إلى تصديق الكذب ومضاهاة الرسل. وبهذا يجاب لمن يعارض بمن يتعلم القرآن، ثم يأتي موضعًا لا يعرف فيحتج به في نبوته، مع ما في ذلك أوجه تمنع الاحتجاج به من ذلك، بما فيه من الإخبار عن الأسئلة والإنباء عن أمور لا توجد هنالك - واللَّه أعلم - وبما لايعلم أوله أنه من تعلم تقدم منه إلى من هو حجة له، أو عن وحي إليه، إذ لم يكن امتحن من قبل. والحجة ما يخرج من المعتاد وحمل الطبيعة، يكرم بها وقت الدعوة بلا سبب سبق منه في مثله ولا عناية. ولا قوة إلا باللَّه. وبعد فإنه قد ظهر في جميع من لسانه ذلك اللسان ممن لا يطاق الدفع لمثله ولا إنكار وانتشر أمر الآتي به، فيظهر بذلك كذبه، ويفتضح عند الدعوى قبل المحنة والتأمل فيما جاء به إلا أن يأتي به من ليس ذلك لسانه، ولا معنى للاحتجاج به في أمثالهم. واللَّه الموفق.
وقوله:(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
(وَاسِعٌ)، أي غنى، يغني من يشاء ويعطيه، (عَلِيمٌ)، بمن يصلح للملك.