للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجري الربا في بعض صوره، لا في كلِّها. وفي هذا توفيةُ الأدلَّة حقَّها، وليس فيه مخالفة (١) لدليل منها.

يوضِّحه: أن الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسِّلَع، لا من جنس الأثمان. ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كانت من غير جنسها؛ فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان، وأُعِدَّت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها. ولا يدخلها: «إما أن تقضي وإما أن تُربي» إلا كما يدخل في سائر السِّلَع [٣٣٧/أ] إذا بيعت بالثمن المؤجَّل. ولا ريب أن هذا قد يقع فيها، لكن لو سُدَّ على الناس ذلك لَسُدَّ عليهم بابُ الدين، وتضرَّروا بذلك غاية الضرر.

يوضِّحه: أن الناس على عهد نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتخذون الحلية، وكان النساء يلبسنها، وكنَّ يتصدَّقن بها في الأعياد وغيرها (٢). ومن المعلوم بالضرورة أنه كان يعطيها المحاويج (٣)، ويعلم أنهم يبيعونها. ومعلومٌ قطعًا أنها لا تباع بوزنها فإنه سَفَه، ومعلومٌ أن مثل الحلقة والخاتم والفَتْخَة (٤) لا تساوي دينارًا، ولم يكن عندهم فلوس يتعاملون بها، وهم كانوا أتقى لله،


(١) بعده في النسخ المطبوعة زيادة: «بشيء»!
(٢) انظر حديث ابن عباس في «صحيح البخاري» (٩٨) و «صحيح مسلم» (٨٨٤).
(٣) في النسخ المطبوعة: «للمحاويج».
(٤) جمعها الفَتَخَ. في «صحيح البخاري» (٩٧٩) عن عبد الرزاق قال: «الفَتَخ: الخواتيم العظام كانت في الجاهلية». وفي «غريب الحديث» للحربي (٣/ ١٠٤٧) عن الأصمعي أنها «خواتيمُ حَلَقٍ لا فصوص لها».