للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفقه في دينه، وأعلمَ بمقاصد رسوله، من أن يرتكبوا الحيل أو يعلِّموها الناس.

يوضِّحه: أنه لا يُعرَف عن أحد من الصحابة أنه نهَى أن يباع الحلي إلا بغير جنسه أو بوزنه، والمنقول عنهم إنما هو في الصَّرْف.

يوضِّحه: أن تحريم ربا الفضل إنما كان سدًّا للذريعة كما تقدَّم بيانه، وما حُرِّم سدًّا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب والمعامل من جملة النظر المحرَّم. وكذلك تحريمُ الذهب والحرير على الرجال، حُرِّم لسدِّ ذريعةِ التشبُّه بالنساء الملعونِ فاعلُه، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة. وكذلك ينبغي أن يباح بيعُ الحلية المصوغة صياغةً مباحةً بأكثر من وزنها، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، [٣٣٧/ب] وتحريمُ التفاضل إنما كان سدًّا للذريعة، فهذا محض القياس ومقتضى أصول الشرع، ولا تتمُّ مصلحة الناس إلا به أو بالحيل، والحيل باطلة في الشرع. وغايةُ ما في ذلك جعلُ (١) الزيادة في مقابلة الصياغة (٢) المباحة المتقوِّمة بالأثمان في الغصوب وغيرها. وإذا كان أربابُ الحيل يجوِّزون بيعَ عشرة بخمسة عشر في خرقة تساوي فلسًا، ويقولون: الخمسة في مقابلة الخرقة؛ فكيف ينكرون بيعَ الحلية بوزنها وزيادةٍ تساوي الصياغة؟ وكيف تأتي الشريعة الكاملة الفاضلة التي بهرت العقول حكمةً وعدلًا ورحمةً وجلالةً بإباحة هذا وتحريم ذاك، وهل هذا إلا عكس للمعقول والفطر والمصلحة؟


(١) في النسخ الخطية: «فعل»، والمثبت من النسخ المطبوعة.
(٢) ما عدا ع: «الصناعة» هنا وفيما يأتي بعد سطرين.