للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال (١) أبي بن كعب وغيره من الصحابة: ما استبانَ لك فاعمَلْ به، وما اشتبهَ عليك فكِلْهُ إلى عالمِه (٢).

وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ بين أظهُرِهم، وهذا تقليد لهم قطعًا؛ إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢]، فأوجب عليهم قبولَ ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم، وهذا تقليدٌ منهم للعلماء.

وصحَّ عن ابن الزبير أنه سئل عن الجدّ والإخوة، فقال: أما الذي قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كنتُ متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذته خليلًا»، فإنه أنزله أبًا (٣). وهذا ظاهر في تقليده له.

وقد أمر الله سبحانه بقبول شهادة الشاهد، وذلك تقليد له، وجاءت الشريعة بقبول قول القائف والخارِص والقاسم والمقوِّم للمُتْلَفات وغيرها، والحاكمَيْنِ بالمثل في جزاء (٤) الصيد، وذلك تقليدٌ محْض.

وأجمعت الأمة على قبول قول المترجم والرسول والمعرِّف والمعدِّل


(١) «قد» ليست في د.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٣٠٦٥٥)، والبخاري في «التاريخ الأوسط» (١/ ٦٤)، والحاكم (٣/ ٣٠٣).
(٣) رواه البخاري (٣٦٥٨). وفيه: «يعني أبا بكر».
(٤) ت: «الجزاء».