للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن اختلفوا في جواز الاكتفاء بواحد، وذلك (١) تقليد محض لهؤلاء.

وأجمعوا على جواز شِرَى اللُّحمانِ والثياب [١١/ب] والأطعمة وغيرها من غير سؤال عن أسباب حِلّها وتحريمها اكتفاءً بتقليد أربابها، ولو كُلِّف الناس كلُّهم الاجتهادَ وأن يكونوا علماءَ لضاعت مصالح العباد، وتعطَّلت الصنائع والمتاجر، وكان الناس كلُّهم علماء مجتهدين، وهذا مما لا سبيلَ إليه شرعًا، والقدر قد مَنَع من وقوعه.

وقد أجمع الناس على تقليد الزوج للنساء اللاتي يُهدِين إليه زوجتَه، وجوازِ وطئها تقليدًا لهنّ في كونها هي زوجته.

وأجمعوا على أن الأعمى يقلِّد في القبلة، وعلى تقليد الأئمة في الطهارة وقراءة الفاتحة وما يصحُّ به الاقتداء، وعلى تقليد الزوجة ــ مسلمةً كانت أو ذميةً ــ أن حيضها قد انقطع فيباح للزوج وطْؤُها بالتقليد، ويُباح للوليّ تزويجُها بالتقليد لها في انقضاء عدّتها، وعلى جواز تقليد الناس للمؤذِّنين في دخول أوقات الصلوات، ولا يجب عليهم الاجتهاد ومعرفة ذلك بالدليل.

وقد قالت الأمة السوداء لعقبة بن الحارث: أرضعتُك وأرضعتُ امرأتك، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بفراقها وتقليدها (٢) فيما أخبرتْه به من ذلك (٣).

وقد صرَّح الأئمة بجواز التقليد، فقال حفص بن غِياث: سمعت سفيان يقول: إذا رأيت الرجلَ يعمل العملَ الذي قد اختُلِفَ فيه وأنت ترى تحريمَه


(١) «ذلك» ساقطة من ت.
(٢) ت، د: «ويقلدها».
(٣) رواه البخاري (٨٨) من حديث عقبة بن الحارث - رضي الله عنه -.