للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن العجب أنهم قالوا: إذا عقد على أمه وابنته وأخته ووطئها لم يُحَدَّ للشبهة، وصارت فراشًا بهذا العقد الباطل المحرَّم، وأم ولده وسُرِّيته التي يطؤها ليلًا ونهارًا ليست فراشًا له.

ومن العجائب أنهم احتجوا على جواز صوم رمضان بنيةٍ يُنشِئها من النهار قبل الزوال بحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل عليها فيقول: «هل من غَداءٍ؟» فتقول: لا، فيقول: «فإني صائم» (١). ثم قالوا: لو فعل ذلك في صوم التطوُّع لم يصحَّ صومه، والحديث إنما هو في التطوع (٢) نفسه.

واحتجوا على المنع من بيع المدبَّر بأنه قد انعقد فيه سبب الحرية، وفي بيعه إبطالٌ لذلك، وأجابوا عن بيع النبي - صلى الله عليه وسلم - المدبَّر (٣) بأنه باع خدمته. ثم قالوا: لا يجوز بيع خدمة المدبّر أيضًا.

واحتجوا على إيجاب الشفعة في الأراضي والأشجار التابعة لها بقوله: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شِرْكٍ في رَبْعَةٍ أو حائطٍ (٤). ثم خالفوا نصَّ الحديث نفسه، فإن فيه: «ولا يحلُّ له أن يبيع حتى يُؤذِن شريكه، فإن باع ولم يُؤذِنه فهو أحقُّ به»، فقالوا: يحلّ له أن يبيع قبل إذنه، ويحلّ له أن يتحيَّل لإسقاط الشفعة، وإن باع بعد إذن شريكه فهو أحقُّ أيضًا بالشفعة، ولا أثر للاستئذان ولا لعدمه.


(١) رواه مسلم (١١٥٤) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) ع: «صوم التطوع».
(٣) رواه البخاري (٢١٤١) ومسلم (٩٩٧) من حديث جابر - رضي الله عنه -
.
(٤) تقدم تخريجه. والرَّبْع: المنزل ودار الإقامة، والربعة أخص من الربع. انظر «النهاية» (٢/ ١٨٩).