للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما في القرآن إذ هو قول متبوعكم؛ فمن العجب إذا قال من قلّدتموه قولًا زائدًا على ما في القرآن قبلتموه وقلتم: ما قاله إلا بدليل، وسهُلَ عليكم مخالفة ظاهر القرآن حينئذٍ، وإذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولًا زائدًا على ما في القرآن قلتم: هذا زيادة على النص، وهو نسخ، والقرآن لا يُنسخ بالسنة، فلم تأخذوا به، واستصعبتم خلاف ظاهر القرآن، فهان خلافُه إذا وافق قول من قلّدتموه، وصعُب خلافُه إذا وافق قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!

الوجه الثامن والثلاثون: أنكم أخذتم بخبر ضعيف لا يثبت في إيجاب المضمضة والاستنشاق في الغسل من الجنابة (١)، ولم تروه زائدًا على القرآن، ورددتم السنة الصحيحة الصريحة في أمر المتوضئ بالاستنشاق (٢)، وقلتم: هو (٣) زائد على القرآن، فهاتوا لنا الفرقَ بين ما يُقبل من السنن الصحيحة وما يُردُّ منها، فإما أن تقبلوها كلها وإن زادت على القرآن، وإما أن تردّوها كلها إذا كانت (٤) زائدة على القرآن. وأما التحكُّم في قبول ما شئتم منها وردّ ما شئتم، ممّا (٥) لم يأذن به الله ولا رسوله، ونحن نشهد الله شهادة


(١) رواه الدارقطني (٤٠٩)، وقال: هذا باطل، ولم يحدث به إلا بركة , وبركة هذا يضع الحديث. وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/ ٨١).
(٢) رواه مسلم (٢٣٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ت: «هذا».
(٤) ت: «وإن كانت».
(٥) ت: «فما».