كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم

عود إلى أمثلة إبطال بعض النصوص بظاهر من نص آخر - ٥٣) جواز إفراد ركعة الوتر - ج: 3 - ص: 335

الفضل عن الأعرج عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُوتِروا بثلاثٍ تشبّهوا بالمغرب، أوتروا بخمسٍ أو سبعٍ» (١). رواه ابن حبان والحاكم في «صحيحيهما»، وقال الحاكم: رواته كلهم ثقات.

وله شاهد آخر بإسناد صحيح: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق ثنا أبي ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عِراك بن مالك عن أبي هريرة، فذكر مثله سواء، وزاد: «أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك» (٢).

فردَّتْ هذه السنن (٣) بحديثين باطلين وقياس فاسد:

أحدهما: «نهى عن البُتَيراء» (٤) وهذا لا يُعرف له إسناد لا صحيح ولا ضعيف، وليس في شيء من كتب الحديث المعتمد عليها، ولو صحّ فالبتيراء صفة للصلاة التي قد بُتِر ركوعها وسجودها فلم يُطمَأَنَّ فيها.

الثاني: حديث يُروى عن ابن مسعود مرفوعًا: «وِتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب». وهذا الحديث وإن كان أصلح من الأول فإنه في

---

(١) رواه الدارقطني (١٦٥٠) ووثق رواته كلهم، وابن حبان (٢٤٢٩) والحاكم (١/ ٣٠٤). وانظر: «التلخيص الحبير» (٢/ ٣٠).
(٢) رواه الحاكم (١/ ٣٠٤) والبيهقي (٣/ ٣١)، وفي إسناده طاهر بن عمرو له ذكرٌ دون جرح ولا تعديلٍ. انظر: «تاريخ مولد العلماء ووفياتهم» لابن زبر (٢/ ٥٩٦) و «المؤتلف والمختلف» للدارقطني (٢/ ٩٤٩) و «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين (٣/ ٦٨).
(٣) ت: «السنة».
(٤) تقدم تخريجه.