للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقله، فما هذا سبيله إذا ورد خبرُ واحدٍ بخلافه كان حجة على ذلك الخبر وتُرِك له، كما لو رُوِي لنا خبرُ واحدٍ فيما تواتر به نقل جميع الأمة لوجب ترك الخبر للنقل المتواتر من جميعهم.

فيقال (١): من المحال عادةً أن يُجمِعوا على شيء نقلًا أو عملًا متصلًا من عندهم إلى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتكون السنة الصحيحة الثابتة قد خالفته، هذا من أبينِ الباطل؛ وإن وقع ذلك فيما أجمعوا عليه من طريق (٢) الاجتهاد فإن العصمة لم تُضْمَن لاجتهادهم، فلم يُجمِعوا من طريق النقل ولا العمل المستمرِّ على هذه الشريطة على بطلان خيار المجلس، ولا على التسليمة الواحدة، ولا على القنوت في الفجر قبل الركوع، ولا على ترك الرفع عند الركوع [١١٤/ب] والرفع منه، ولا على ترك السجود في المفصَّل، ولا على ترك الاستفتاح والاستعاذة قبل الفاتحة، ونظائر ذلك، كيف وقدماؤهم الذين نقلوا العلم الصحيح الثابت الذي كأنه رأيُ عينٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بخلاف ذلك؟ فكيف يقال: إنّ تركه عملٌ مستمرٌّ من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى الآن؟ هذا من المحال. بلى نقلهم للصاع والمدّ والوقوف والأحباس (٣) وترك زكاة الخَضراوات حق، ولم يأتِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة تخالفه البتةَ، ولهذا رجع أبو يوسف إلى ذلك


(١) هذا تعقيب من المؤلف على كلام القاضي عبد الوهاب.
(٢) «طريق» ليست في ت.
(٣) ت: «الأجاير»، والكلمة في د بدون نقط. وفي المطبوع: «الأخاير». وفي «تهذيب السنن» ط. الفقي (١/ ٦٤): «الأجناس». وكلها تحريف. والصواب ما أثبته، وهو كذلك في «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٠٤). والأحباس بمعنى الوقوف.