للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِشْرح، وهذا تعليل قوي، ويؤكِّده أن الليث قال: «قال مشرح» ولم يقل: «حدثنا»، وليس بلازم؛ فإن الليث كان معاصرًا لمِشْرح وهو في بلده، وطلبُ الليثِ للعلم وجمعُه لم يمنعه أن لا يسمع من مِشْرَح حديثَه عن عقبة بن عامر وهو معه في البلد.

وأما التعليل الثالث فقال شيخ الإسلام (١): إنكارُ من أنكر هذا الحديث على عثمان غير جيد، وإنما هو لتوهُّم انفراده به عن الليث، وظنِّهم أنه لعله أخطأ فيه حيث لم يبلغهم عن غيره من أصحاب الليث، كما قد يتوهَّم بعض من يكتب الحديث أن الحديث إذا انفرد به عن الرجل من ليس بالمشهور من أصحابه كان ذلك شذوذًا فيه وعلةً قادحة، وهذا لا يتوجَّه ههنا لوجهين:

أحدهما: أنه قد تابعه عليه أبو صالح كاتب الليث عنه، رويناه من حديث أبي بكر القَطيعي: حدثنا جعفر بن محمد الفِريابي حدثني العباس المعروف بأبي قُرَيق (٢) ثنا أبو صالح حدثني الليث به، فذكره. ورواه أيضًا الدارقطني في «سننه» (٣): ثنا أبو بكر الشافعي ثنا إبراهيم بن الهيثم أخبرنا أبو صالح، فذكره.

الثاني: أن عثمان بن صالح هذا المصري نفسه (٤) روى عنه البخاري في «صحيحه»، وروى عنه ابن معين وأبو حاتم الرازي، وقال: هو شيخ


(١) في «بيان الدليل» (ص ٣٢١، ٣٢٢).
(٢) في بيان الدليل: «المعروف بابن قريق» وقريق لقب العباس بن إسماعيل بن حماد البغدادي، كما في «الكامل» لابن عدي (٤/ ١١٨)، و «نزهة الألباب» (٢/ ٩٠).
(٣) رقم (٣٦١٨).
(٤) كذا في النسختين د، ز. وفي بيان الدليل: «ثقة».