للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثامن والثمانون (١): أنه نهى عن إدامة النظر إلى المجذَّمين (٢)، وهذا ــ والله أعلم ــ لأنه ذريعة إلى أن يصابوا بإيذائهم، وهي من ألطف الذرائع، وأهلُ الطبيعة يعترفون به، وهو جارٍ على قاعدة الأسباب. وأخبرني رجل من علمائهم أنه أجلسَ قرابةً له يُكحِّل الناسَ فرمِدَ ثم برئ، فجلس يُكحِّلهم فرمِدَ مرارًا، قال: فعلمتُ أن الطبيعة [٥٢/أ] تنقل، وأنه من كثرة ما يفتح عينيه في أعين الرُّمْدِ نقلت الطبيعة الرمَدَ إلى عينيه، وهذا لا بدَّ معه من نوع استعداد، وقد جُبِلت الطبيعة والنفس على التشبُّه والمحاكاة (٣).

الوجه التاسع والثمانون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى الرجل أن ينحني لرجلٍ إذا لقيه (٤)، كما يفعله كثير من المنتسبين إلى العلم ممن لا علمَ له بالسنة، بل يبالغون إلى أقصى حدِّ الانحناء مبالغةً في خلاف السنة جهلًا، حتى يصير أحدهم بصورة الراكع لأخيه ثم يرفع رأسه من الركوع، كما يفعل إخوانهم من السجود بين يدي شيوخهم الأحياء والأموات؛ فهؤلاء أخذوا من الصلاة سجودها، وأولئك ركوعها، وطائفة ثالثة قيامَها، يقوم (٥) عليهم الناس وهم


(١) د: «الوجه التسعون»، وهكذا استمر الترقيم إلى آخر الأوجه في د، وأكتفي بالتنبيه عليه هنا.
(٢) رواه أحمد (٢٠٧٥) وابن ماجه (٣٥٤٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٠٦٤).
(٣) ز: «المحكاة».
(٤) رواه أحمد (١٣٠٤٤) والترمذي (٢٧٢٨) من حديث أنس - رضي الله عنه -، وفي إسناده حنظلة بن عبد الله السدوسي متكلم فيه، وللحديث متابعات تقويه. انظر: «السلسلة الصحيحة» (١٦٠).
(٥) د: «يقومون».