للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قعود كما يقومون في الصلاة، فتقاسمت الفرق الثلاثة أجزاء الصلاة. والمقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن انحناء الرجل لأخيه سدًّا لذريعة الشرك، كما نهى عن السجود لغير الله (١)، وكما نهاهم أن يقوموا في الصلاة على رأس الإمام وهو جالس (٢)، مع أن قيامهم عبادة لله تعالى، فما الظن إذا كان القيام تعظيمًا للمخلوق وعبوديةً له؟ فالله المستعان.

الوجه التسعون: أنه حرّم التفرُّق في الصرف وبيع الربوي بمثله قبل القبض (٣)؛ لئلا يُتخذ ذريعةً إلى التأجيل الذي هو أصل باب الربا، فحماهم من قربانه باشتراط التقابض في الحال، ثم أوجب عليهم فيه التماثل، وأن لا يزيد أحد العوضين على الآخر إذا كانا من جنس واحد حتى لا يباع مُدٌّ جيد بمدَّينِ رديئين وإن كانا يساويانه، سدًّا لذريعة ربا النَّساء الذي هو حقيقة الربا، وأنه إذا منعهم من الزيادة مع الحلول حيث تكون الزيادة في مقابلة جودة أو صفة أو سكّة أو نحوها، فمنعهم منها حيث لا مقابلَ لها إلا مجردُ الأجل أولى. فهذه هي حكمة تحريم ربا الفضل التي خفيت على كثير من الناس، حتى قال بعض المتأخرين: لا يتبين لي حكمة تحريم ربا الفضل، وقد ذكر الشارع هذه الحكمة بعينها، وأنه حرَّمه سدًّا لذريعة ربا النَّساء، فقال في


(١) رواه الترمذي (١١٥٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وحسَّنه، وصححه ابن حبان (٤١٦٢) والحاكم (٤/ ١٧١). وفي الباب عن أنس ابن مالك , وعبد الله بن أبى أوفى, ومعاذ بن جبل, وقيس بن سعد , وعائشة بنت أبي بكر الصديق. انظر: «الإرواء» (٧/ ٥٤).
(٢) رواه البخاري (٦٨٩) ومسلم (٤١١) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٣) رواه البخاري (٢١٣٤) ومسلم (١٥٨٦) من حديث عمر - رضي الله عنه -.