للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث تحريم ربا الفضل: «فإني أخاف عليكم الرَّمَاءَ» (١)، والرَّمَاء هو الربا، فتحريم الربا نوعان: نوع حُرِّم لما فيه من المفسدة وهو ربا النسيئة، ونوع حرِّم تحريمَ الوسائل وسدًّا لذرائع؛ فظهرت حكمة الشارع الحكيم وكمال شريعته الباهرة في تحريم النوعين. ويلزم من لم يعتبر الذرائع ولم يأمر بسدِّها أن يجعل تحريم ربا الفضل تعبدًا محضًا لا يُعقل معناه كما صرح بذلك كثير منهم.

الوجه الحادي والتسعون: أنه أبطل أنواعًا من النكاح الذي يتراضى به الزوجان سدًّا لذريعة الزنا؛ فمنها النكاح بلا ولي (٢)؛ فإنه أبطله سدًّا لذريعة الزنا؛ فإن الزاني لا يَعجِز أن يقول للمرأة: «أَنكِحيني نفسَكِ بعشرة» ويُشهِد عليها رجلين من أصحابه أو غيرهم، فمنعهما من ذلك سدًّا لذريعة الزنا. ومن هذا تحريم نكاح التحليل (٣) الذي لا رغبةَ للنفس فيه في إمساك المرأة واتخاذها زوجة، بل له وَطَرُ ما يقضيه بمنزلة الزاني في الحقيقة وإن اختلفت الصورة. [٥٢/ب] ومن ذلك تحريم نكاح المتعة (٤) الذي يعقد المتمتع فيه على المرأة مدة يقضي وطره منها فيها؛ فحرّم هذه الأنواع كلها سدًّا لذريعة السِّفاح، ولم يُبِح إلا عقدًا مؤبَّدًا يقصد فيه كل من الزوجين


(١) رواه أحمد (٥٨٨٥) من حديث ابن عمر مرفوعًا، وفي إسناده أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي متكلم فيه. وقد ورد موقوفًا عن ابن عمر عند أحمد (١١٠٠٦) وعن عمر عند مالك (٢/ ٦٣٤، ٦٣٥) وابن أبي شيبة (٢٢٩٤٠).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) رواه البخاري (٤٢١٦) ومسلم (١٤٠٧) من حديث علي - رضي الله عنه -.