للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقام مع صاحبه ويكون بإذن الولي وحضور الشاهدين أو ما (١) يقوم مقامهما من الإعلان؛ فإذا تدبرتَ حكمة الشريعة وتأمَّلتَها حقَّ التأمُّل رأيتَ تحريم هذه الأنواع من باب سدِّ الذرائع، وهي من محاسن الشريعة وكمالها.

الوجه الثاني والتسعون: أنه منع المتصدّق من شراء صدقته ولو وجدها تُباع في السوق (٢)، سدًّا لذريعة العود فيما خرج عنه لله ولو بعوضه؛ فإن المتصدّق إذا مُنِع من تملُّكِ صدقته بعوضها فتملُّكه إياها بغير عوض أشدُّ منعًا وأفطمُ للنفوس عن تعلقها بما خرجت عنه لله، والصواب ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من المنع من شرائها مطلقًا، ولا ريب أن في تجويز ذلك ذريعةً إلى التحيُّل على الفقير بأن يدفع إليه صدقة ماله ثم يشتريها منه بأقل من قيمتها، ويرى المسكين أنه قد حصل له شيء ــ مع حاجته ــ فتسمح نفسه بالبيع، والله عالم بالأستار (٣)، فمن محاسن هذه الشريعة الكاملة سدُّ الذريعة ومنع المتصدِّق من شراء صدقته، وبالله التوفيق.

الوجه الثالث والتسعون: أنه نهى عن بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها (٤)، لئلا يكون ذريعةً إلى أكل مال المشتري بغير حق إذا كانت معرَّضةً للتلف، وقد يمنعها الله، وأكَّد هذا الغرض بأن حكم للمشتري بالجائحة إذا تَلِفتْ بعد الشراء الجائز، كل هذا لئلا يُظلم المشتري ويؤكل ماله بغير حق.

الوجه الرابع والتسعون: أنه نهى الرجل بعد إصابة ما قُدِّر له أن يقول: لو


(١) ز: «وما».
(٢) رواه البخاري (١٤٨٩) ومسلم (١٦٢١) من حديث عمر - رضي الله عنه -.
(٣) ز: «بالاسعار». وفي المطبوع: «بالأسرار».
(٤) رواه البخاري (٢١٩٤) ومسلم (١٥٣٤) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.