للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى إذا ابْهارَّ (١) الليلُ ركب في طلبه فلحقه، واستاق الإبل حتى قدم بها على أبي بكر - رضي الله عنه -. فكانت صدقات طيئ مما استعان بها أبو بكر في قتال أهل الردة.

وكذلك في الحديث الصحيح (٢) أن عديًّا قال لعمر - رضي الله عنه -: أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: بلى، أعرفك، أسلمتَ إذ كفروا، ووفيتَ إذ غدروا، وأقبلتَ إذ أدبروا، وعرفتَ إذ أنكروا.

ومثل هذا ما أذن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - للوفد الذين أرادوا قتل كعب بن الأشرف أن يقولوا (٣)، وأذن للحجّاج بن عِلاط عامَ خيبر أن يقول (٤)، وهذا كله من الاحتيال المباح؛ لكون صاحب الحق قد أذن فيه ورضي به، والأمر المحتال عليه طاعة لله أو أمر مباح.

الضرب الثالث: أنه {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (٧٠) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (٧١) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} إلى قوله: {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (٧٤) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ


(١) أي انتصف.
(٢) رواه البخاري (٤٣٩٤) من حديث عدي بن حاتم.
(٣) رواه البخاري (٢٥١٠) ومسلم (١٨٠١) من حديث جابر بن عبد الله.
(٤) رواه أحمد (١٢٤٠٩) والنسائي في «الكبرى» (٨٥٩٢) وأبو يعلى (٣٤٧٩) من حديث أنس. وصححه ابن حبان (٤٥٣٠) وابن كثير في «البداية والنهاية» (٤/ ٢١٦).