أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: ٧٠ - ٧٦]. وقد ذكروا في تسميتهم سارقين وجهين:
أحدهما: أنه من باب المعاريض، وأن يوسف نوى بذلك أنهم سرقوه من أبيه، حيث غيَّبوه عنه بالحيلة التي احتالوا عليه وخانوه فيه، والخائن يسمَّى سارقًا، وهو من الكلام المرموز، ولهذا يسمَّى خَوَنةُ الدواوين لصوصًا.
الثاني: أن المنادي هو الذي قال ذلك من غير أمر يوسف.
قال القاضي أبو يعلى وغيره: أمر يوسف بعض أصحابه أن يجعل الصواع في رحل أخيه، ثم قال بعض الموكّلين وقد فقدوه فلم يُدْرَ (١) آخِذُه: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} على ظنٍّ منهم أنهم كذلك، من غير أمر يوسف لهم بذلك، أو لعل يوسف قد قال للمنادي: هؤلاء سرقوا، وعَنَى أنهم سرقوه من أبيه، والمنادي فَهِمَ سرقة الصُّواع، فصدق يوسف في قوله، وصدق المنادي. وتأمَّلْ حذف المفعول في قوله:{إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} ليصح أن يضمن سرقتهم [٧٢/ب] ليوسف فيتمّ التعريض، ويكون الكلام صدقًا. وذكر المفعول في قوله:{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} وهو صادق في ذلك، فصدق في الجملتين معًا تعريضًا وتصريحًا. وتأمَّل قول يوسف:{مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}، ولم يقل إلا من سرق، وهو أخصر لفظًا، تحرِّيًا للصدق، فإن الأخ لم يكن سارقًا بوجه، وكان عنده المتاع حقًّا؛
(١) د: «فلم يدري». ز: «فلم ندري». وفي «بيان الدليل»: «ولم يدروا من أخذه».