للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عينيه بياضٌ» (١)، وإنما أراد به البياض الذي خلقه الله في عيون بني آدم= فهذه المعاريض ونحوها من أصدق الكلام، فأين في جواز هذه ما يدل على جواز الحيل المذكورة؟

وقال شيخنا (٢) - رضي الله عنه -: والذي قِيستْ عليه الحيل الربوية وليست مثله نوعان:

أحدهما: المعاريض، وهي: أن يتكلم الرجل بكلام جائز يقصد به معنى صحيحًا، ويوهم غيره أنه يقصد به معنى آخر، ويكون سبب ذلك الوهم كون اللفظ مشتركًا بين حقيقتين لغويتين أو عرفيتين أو شرعيتين أو لغوية مع إحداهما أو عرفية مع إحداهما أو شرعية مع إحداهما، فيعني أحدَ معنييه ويوهم السامعَ أنه إنما عنى الآخر: إما لكونه لم يعرف إلا ذلك، وإما لكون دلالة الحال تقتضيه، وإما لقرينة حالية أو مقالية يضمُّها إلى اللفظ. أو يكون سبب التوهم كون اللفظ ظاهرًا في معنى فيعني به معنى يحتمله باطنًا: بأن ينوي مجاز اللفظ دون حقيقته، أو ينوي بالعام الخاصَّ أو بالمطلق [٧٩/أ] المقيدَ. أو يكون سبب التوهم كون المخاطب إنما يفهم من اللفظ غير حقيقته لعرف خاص له أو غفلة منه أو جهلٍ أو غير ذلك من الأسباب، مع كون المتكلم إنما قصد حقيقته؛ فهذا كله إذا كان المقصود به رفع ضرر غير مستحق فهو جائز، كقول الخليل: «هذه أختي»، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نحن من ماءٍ»، وقول الصديق


(١) رواه الزبير بن بكّار في كتاب «الفكاهة والمزاح» عن زيد بن أسلم مرسلًا، كما في «تخريج الإحياء» (٣/ ١٢٩). والمرأة يقال لها أم أيمن.
(٢) في «بيان الدليل» (ص ١٩٨ وما بعدها).