للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بممتنع، فتصدق الشرطية وإن انتفى كل من (١) جزأيها، كما نقول: «لو كان مع الله إله آخر لفسد العالم»، وكما في قوله: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: ١١٦]، ومعلوم أنه لم يقله ولم يعلمه الله، وهكذا قوله: «إن وقع عليكِ طلاقي فأنتِ طالق قبله ثلاثًا» قضية عُقدت لامتناع وقوع طرفيها، وهما المنجّز والمعلّق.

ثم نذكر في ذلك قياسًا حرَّره الشيخ أبو إسحاق (٢) رحمه الله تعالى، فقال: طلاقان متعارضان يسبق أحدهما الآخر؛ فوجب أن ينفي السابق منهما المتأخر. نظيره أن يقول لامرأته: إن قدم زيد فأنتِ طالق ثلاثًا، وإن قدم عمرو فأنت طالق طلقة، فقدم زيد بكرةً، وعمرو عشيةً. ونكتة المسألة أنا لو أوقعنا الطلاق المباشر لزمنا أن نوقع قبله ثلاثًا، ولو أوقعنا قبله ثلاثًا لامتنع وقوعه في نفسه؛ فقد أدى الحكم بوقوعه إلى الحكم بعدم وقوعه، فلا يقع.

وقولكم: «إن هذه اليمين تُفضي إلى سدّ باب (٣) الطلاق، وذلك تغيير للشرع، فإن الله ملَّك الزوجَ الطلاقَ رحمةً به ... إلى آخره»، جوابه أن هذا ليس فيه تغيير للشرع، وإنما هو إتيان بالسبب الذي ضيّق به على نفسه ما وسَّعه الله عليه، وهو هذه اليمين، وهذا ليس تغييرًا للشرع.

ألا ترى أن الله سبحانه وسَّع عليه أمر الطلاق فجعله واحدة بعد واحدة ثلاث مرات لئلا يندم، فإذا ضيَّق على نفسه وأوقعها بفم واحد حصرَ نفسه


(١) «من» ليست في ك.
(٢) الشيرازي في كتابه «المهذب» ().
(٣) ك: «باب سد».